شعار
accessibility

البحث والتطوير المحدود وضعف خدمات الإرشاد في الزراعة


 
 

المقدمة

يواجه قطاع الزراعة في الأردن، وهو قطاع هام لاقتصاد البلاد والأمن الغذائي، تحديين كبيرين يعيقان نموه وتطوره، وهما انخفاض الاستثمار في البحث والتطوير (R&D) وعدم كفاءة خدمات الإرشاد (وهي خدمات تقدّم الإرشاد الزراعي والمشورة والمعلومات وخدمات الدعم الأخرى للمزارعين لتمكينهم من تحسين إنتاجية محصولهم وبالتالي دخلهم الزراعي وغير الزراعي). ويكمن جوهر المشكلة في قلة تخصيص الأموال للبحث والتطوير، حيث ينفق الأردن 0.70% فقط من ناتجه المحلي الإجمالي في هذا المجال، وهو رقم أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 1.6%، وتوضح هذه الفجوة الصارخة في الاستثمار في البحث والتطوير قضية أوسع تتمثل في ركود الابتكار والتقدم التكنولوجي في القطاع. ويتراكم هذا الأمر عندما نربطه بنظام الخدمة الإرشادية غير الكافي الذي يعد أمرًا بالغ الأهمية لنقل المعرفة والابتكارات من البحث إلى التطبيق العملي في المزارع.

وتؤكد الدراسات، بما في ذلك التقرير الهام الذي صدر عام 2004 عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI)، بالإضافة إلى معلومات مستمدة من نظرة شاملة للقطاع الزراعي في الأردن، على الحاجة لتنشيط هذه الخدمات، وتشدد على أهمية زيادة الاستثمار في مراكز التدريب، وتطوير شبكة قوية من وكلاء الإرشاد، والاستفادة من التكنولوجيا لضمان وصول المزارعين إلى أحدث التقنيات والمعلومات الزراعية.

 
 

التحديات

ولهذه التحديات تأثير قوي؛ ويؤدي قلة الاستثمار في البحث والتطوير إلى الحد من القدرة على الوصول إلى التكنولوجيات المتقدمة وأصناف المحاصيل ذات الجودة العالية، مما يؤدي إلى تقليص الإنتاجية الزراعية بشكل مباشر. وقد أكدت دراسات منظمة الأغذية والزراعة (FAO) هذا الارتباط المباشر، مما يشير إلى أن سد فجوة الاستثمار يمكن أن يؤدي إلى تحقيق مكاسب كبيرة في الإنتاجية، وعلاوة على ذلك، يؤدي قلة التدريب والاستثمار في التقنيات المعاصرة إلى عدم الكفاءة في كل من الإنتاج واستخدام موارد المياه، وتصاعد التكاليف وزيادة تعرض المزارع إلى الآفات والأمراض.

أظهرت دراسة أجريت عام 2019 في إثيوبيا فعالية التدريب على الإدارة المتكاملة للآفات (IPM) في الحد من خسائر المحاصيل بشكل كبير، وبالتالي التأكيد على أهمية دور الخدمات الإرشاد القوية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التقارب بين العوامل، انخفاض الإنتاجية إلى جانب زيادة التكاليف، يضغط بشكل مباشر على أرباح المزارعين ويقلل من قدرتهم التنافسية في الأسواق العالمية. علاوة على ذلك، كثيرًا ما يتجاهل المزارعون المخططات الحكومية وبرامج المساعدات المالية، ويعود ذلك أساسًا على أوجه القصور في خدمات الإرشاد، وبالتالي يضيعون فرصًا حاسمة للتقدّم.

 
 
 
 

النهج المقترح

وتتطلب مواجهة هذه التحديات بذل جهود متضافرة لتعزيز الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الزراعة، بهدف تخصيص حصة من الناتج المحلي الإجمالي أقرب إلى المتوسط العالمي، ولا ينبغي لهذه الزيادة أن تستهدف حلولاً قابلة للتطبيق تجاريًا فحسب، بل يجب أيضًا أن تدعم نطاقًا واسعًا من الأبحاث المهمة لاستدامة الزراعة الأردنية، بما في ذلك المحاصيل المقاومة للجفاف وممارسات الري الموفرة للمياه. ويمكن أن تكون الشراكات بين القطاعين العام والخاص أداة قيمة في هذا المسعى، مما يمكّن الحكومة من الاستفادة من خبرات وموارد القطاع الخاص لتسريع الابتكار والتطبيق العملي للمزارعين، وعلاوة على ذلك، ينبغي لجهود البحث والتطوير أن تركز على التطبيقات العملية التي تفيد المزارعين بشكل مباشر، مثل البحوث المتعلقة بالمحاصيل المقاومة للجفاف، وطرق الري التي تتسم بكفاءة استخدام المياه، والاستراتيجيات المتكاملة لإدارة الآفات.

ويمكن أن تؤدي هذه المبادرات إلى زيادة المحصول وخفض التكاليف وتحسين الوصول إلى الأسواق، مما يعزز ربحية المزارعين الأردنيين بشكل غير مباشر. يحمل تنشيط خدمات الإرشاد ذات الأهمية أيضًا؛ ومن خلال زيادة الاستثمار في مراكز وبرامج التدريب على الممارسات الزراعية المستدامة وإدارة الآفات وتقنيات الحفاظ على المياه وتطوير شبكة أكثر قوة من وكلاء الإرشاد، يستطيع الأردن تحسين خدماته بشكل كبير. كما يمكن أن يؤدي استخدام التكنولوجيا، مثل تطبيقات الهاتف المحمول ووحدات التدريب عبر الإنترنت، إلى زيادة تعزيز فعالية هذه الخدمات.

وفي الختام، من خلال معالجة التحدي المزدوج المتمثل في الاستثمار المحدود في البحث والتطوير وضعف خدمات الإرشاد، يستطيع الأردن تعزيز إمكانات قطاعه الزراعي وتعزيز الابتكار وتحسين الإنتاجية والربحية والقدرة التنافسية. إن هذا النهج الشامل، الذي يؤكد على زيادة الاستثمار في البحث والتطوير والتركيز العملي على الابتكار وتنشيط خدمات الإرشاد، أمر بالغ الأهمية لتنمية قطاع الزراعة الأردني واستدامته على المدى الطويل.

 
 

مركز الأفكار

قدمنا مجموعة من الحلول الفعّالة لكل من القطاعات الأربعة المختارة كمصدر إلهام، ولكن يتم تشجيع الأصالة والحلول الفريدة بشدة.

يمكنك استخدام هذه الأفكار كنقطة بداية، لكننا نحثك على التفكير خارج نطاق تفكيرك. استعدادًا للهَكَثون، لنطلق معًا بأفكار استثنائية وسباقة وقادرة على إحداث تحوّل نوعي في القطاع الصناعي الأردني. اكتشف الآن