شعار
accessibility

أزمة النقل الجوي والنزاع الإقليمي: تهديد لقطاع السياحة


 
 

المقدمة

منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، واجه القطاع السياحي في الأردن، الغني بتراثه الثقافي ومعالمه الطبيعية الخلابة، تحديات صعبة. وهذا الأمر لم يكن بالجديد، فالاضطرابات السياسية المتكررة في المنطقة أدّت إلى إلغاءات كثيرة في الرحلات، مما أضعف التدفق السياحي والاستقرار المالي للقطاع، وقد تسببت الأحداث مؤخرًا في انخفاض عدد السياح بمعدل 7٪، مما نتج عنه خسارة مالية تقدر بحوالي 231.4 مليون دينار أردني عبر مختلف القطاعات، بما في ذلك الرحلات الجوية، رحلات السفن السياحية، ومعالم السياحة الرئيسية مثل البتراء، حيث توقفت 49 سفينة سياحية عن العمل بخسارة قدرها 5.2 مليون دينار، في حين شهدت البتراء انخفاضاً في عدد الزوار بنسبة 39٪، مما أدى إلى تراجع في إيرادات التذاكر بمقدار 8.6 مليون دينار، إضافةً إلى ذلك، سُجل انخفاض بنسبة 44٪ في مبيعات التذاكر الموحّدة ما تسبب في خسارة بالغة قدرها 3 ملايين دينار.

كما نتج عن النزاع انسحاب 11 شركة طيران منخفض التكاليف وإلغاء 23 رحلة جوية متجهة إلى الأردن، ما أدى إلى خسارة تقدر بـ 41.9 مليون دينار. هذا وقد شهد مطار الملكة علياء الدولي انخفاضًا بنسبة 3٪ في حركة المسافرين، مما أدى إلى خسارة في ضرائب المغادرة بقيمة 11.5 مليون دينار وتراجع في إيرادات السياحة بقيمة 57.8 مليون دينار. كما تم إلغاء أكثر من ألف رحلة للملكية الأردنية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في أعداد الزوار الأوروبيين بنسبة 25%.

 
 

التحديات

تمتد تداعيات أزمة النقل الجوي والنزاع الإقليمي على الأردن لتمس عدداً كبيراً من أصحاب المصالح في القطاع، فعدم الاستقرار الناجم عن استمرار الصراع وتأثيراته السلبية على النقل لا يسهم فقط في انخفاض السياح القادمين إلى الأردن، بل يؤدي أيضًا إلى عرقلة الاستثمارات وتدهور مستقبل صناعة السياحية. ومع أن الأردن يعتبر وجهة آمنة للزوار، يقف الوضع الراهن كعقبة كبرى أمام تقدمها وسمعتها. على الصعيد الاقتصادي، تبرز الحاجة الكبيرة للسياحة بوصفها عنصرًا حيويًا للناتج المحلي الإجمالي وعملية التوظيف في الأردن. كما أن الأفراد الذين يعتمدون على هذا القطاع بشكل مباشر أو غير مباشر يواجهون الآن مخاطر متنامية وشعورًا بعدم اليقين، مما يحتم البحث عن حلول فورية وفعالة لاستعادة الثقة والاستقرار في البيئة السياحية في الأردن.

 
 
 
 

النهج المقترح

على المدى القصير، تتضمن الاستراتيجيات الموجهة لتعزيز قطاع السياحة في الأردن تحقيق تنوع في الأسواق من خلال الترويج للأردن كوجهة سياحية رئيسية لأسواق جديدة، أقل تأثرًا بالاضطرابات الحالية فيما يتعلق بمجال السفر. تهدف هذه الخطوة إلى جذب سياح محتملين من تلك المناطق عبر حملات التسويق الإلكترونية وذلك للتعويض عن الآثار المباشرة للتحديات الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، يعد تعزيز الاتصال الإقليمي من خلال الاتفاقيات مع الدول المجاورة لتحسين روابط السفر البرية والجوية أمرًا بالغ الأهمية. وتهدف مثل هذه المبادرات، إلى جانب التسويق لعروض السفر الإقليمية، إلى جذب السياح الموجودين بالفعل في المناطق المجاورة للأردن.

ومن أجل تنشيط هذا القطاع على المدى الطويل، فإن إعادة بناء الشراكات مع شركات الطيران أمر جوهري، لذا ستتمحور الجهود المشتركة على طمأنة شركات الطيران وتقديم الحوافز لاستئناف عملياتها في الأردن، ويمكن أن تشمل هذه الحوافز الدعم المالي والمساعدة التسويقية وتقديم توجيهات شاملة تتعلق بتدابير السلامة والأمان في الأردن، وبناءً عليه سيحظى رواد الأعمال بفرصة الابتكار من خلال تطوير منصات تجمع بين أنظمة حجوزات شركات الطيران والعروض السياحية المحلية، مما يتيح للسياح حجز برنامج سفر متكامل وشامل. وهذه الحلول ستدفع شركات الطيران إلى استئناف رحلاتها أو زيادتها من خلال ربط خدماتها مباشرة بالطلب السياحي المحلي. علاوة على ذلك، سيكون هناك فرصة لوكالات البيانات والاستشارات لدعم تطوير خدمات النقل الجوي على المستوى الحكومي.

وهناك استراتيجية أخرى لها تأثير طويل المدى تتمثل في تعزيز إمكانية الوصول بصورة شاملة، حيث يمكن لرواد الأعمال المهتمون بالتنمية المستدامة، الاستثمار في تقديم خدمات نقل صديقة للبيئة، أو حلول تعمل بالطاقة المتجددة، أو تطبيقات التكنولوجيا الذكية، مما يحسن تجربة الحجوزات السياحية في الأردن. كما يلعب تعزيز العلاقات الدبلوماسية دورًا حيويًا في منع التحذيرات غير المبررة التي ينتج عنها تغييرات في خطط السفر تؤدي إلى إلغاء الحجوزات. من هذا المنطلق، فإن تأسيس شركات استشارية وأخرى متخصصة في العلاقات العامة قادرة على التعامل مع المشهد المعقد لاستشارات السفر والعلاقات الدبلوماسية، قد يكون لها تأثير إيجابي ملموس على قطاع السياحة. ومن خلال التفاعل المستمر مع الأوساط الدبلوماسية واستخدام وسائل الإعلام بكفاءة، تستطيع هذه الشركات ضمان إطلاق تحذيرات السفر بشكل دقيق ينسجم مع واقع الأمان في الأردن، ما يساهم في تعزيز صورة البلاد واستقرار خدمات الخطوط الجوية.

في ظل مواجهة التحديات المزدوجة المتمثلة في أزمات النقل الجوي والتوترات الإقليمية، تبرز أهمية الجهود المبذولة في تنويع الأسواق وتعزيز البنية التحتية وإقامة شراكات استراتيجية كركائز أساسية لإحياء قطاع السياحة والدفع به قدمًا نحو النمو، مما يضمن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمساهمة في ترسيخ مكانة الأردن على الساحة الدولية كوجهة آمنة وجاذبة.

 
 

مركز الأفكار

قدمنا مجموعة من الحلول الفعّالة لكل من القطاعات الأربعة المختارة كمصدر إلهام، ولكن يتم تشجيع الأصالة والحلول الفريدة بشدة.

يمكنك استخدام هذه الأفكار كنقطة بداية، لكننا نحثك على التفكير خارج نطاق تفكيرك. استعدادًا للهَكَثون، لنطلق معًا بأفكار استثنائية وسباقة وقادرة على إحداث تحوّل نوعي في القطاع الصناعي الأردني. اكتشف الآن