شعار
accessibility

السياحة المفرطة في الأردن: تهديد للتراث الثقافي


 
 

المقدمة

يعد الأردن، المعروف بتراثه العريق ومناظره الطبيعية الآسرة، محط أنظار الملايين الذين يقصدون المعالم السياحية الشهيرة مثل البتراء -المدينة الوردية- ووادي رم والبحر الميت، غير أن هذه المعالم الأثرية تواجه تحديات ناجمة عن السياحة المفرطة، والتي تتمثل بالازدحام الكثيف، وتلوث البيئة وسوء تجارب الزوار، على سبيل المثال، شهدت مدينة جرش إقبالاً واسعاً تمثل بزيارة نصف مليون شخص في عام ٢٠٢٣، وهو ما يمثل نسبة كبيرة من الإقبال السياحي على الأردن ككل، بينما استقبلت أم قيس، التي تلقى اعترافاً من منظمة السياحة العالمية، نحو ١٠٠ ألف زائر فقط، مما يعكس خللًا في توازن توزيع الزيارات، والذي يؤدي إلى تحميل البنى التحتية والبيئات الطبيعية ضغوطًا شديدة، الأمر الذي يضع البتراء أمام خطر خسارة مركزها المميز كموقع تراثي عالمي تابع لليونسكو.

 
 

التحديات

بالإضافة إلى ذلك، يشهد قطاع السياحة في البلاد تقلبات موسمية واضحة، حيث يتراوح معدل إشغال الفنادق بين 10% خلال المواسم الهادئة و90% في فترة الذروة من مارس إلى أبريل ومن أكتوبر إلى نوفمبر. هذه الدورة الموسمية لا تزيد الضغط على الموارد فحسب، لكنها تؤدي أيضًا إلى سوء توزيع العوائد الاقتصادية، حيث تؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي في المناطق المزدحمة من حيث عدد الزوار، بينما يتم إهمال المناطق الأقل ارتيادًا، مما يحول دون الاستفادة من كافة المعالم التي يتمتع بها الأردن. ومن هنا تبرز الحاجة إلى استراتيجية متكاملة تضمن تحقيق تقدم اقتصادي مستدام يشمل جميع المناطق.

تواجه السياحة المفرطة في الأردن تحديات عديدة تؤثر على ثلاث مجموعات رئيسية: الأوصياء على الثقافة والبيئة، السياح والمجتمعات المحلية. كما أن كثافة السياح العالية تهدد الحفاظ على التراث الثقافي الفريد والتنوع البيولوجي في الأردن، وتعرض المواقع الأثرية والطبيعية - التي تمثل مناطق جذب رئيسية للبلاد – لخطر كبير. من جهة أخرى، يشعر الزوار الباحثون عن تجارب ثقافية عريقة بالإحباط بسبب الازدحام الكبير والترويج المفرط للمعالم السياحية الرئيسية. أما من الناحية الاقتصادية، فيؤدي التوزيع غير المتوازن لعوائد السياحة إلى تباينات حادة، إذ أن الفوائد تعود بشكل رئيسي إلى المناطق السياحية الأكثر شهرة دون غيرها، مما يهمل الفرص الاقتصادية للمناطق الأقل ارتيادًا ويستنزف مواردها، وهذا الوضع ينتج عنه دورة من التخلف التنموي في مناطق لديها إمكانات سياحية كبيرة لم تُستغَل بعد. وتتطلب مواجهة هذه التحديات، ضرورة وضع وتنفيذ استراتيجيات تضمن تطويرًا مستدامًا للسياحة يعود بالنفع على جميع الأطراف المعنية.

 
 
 
 

النهج المقترح

لمواجهة تحديات السياحة المفرطة في الأردن بكفاءة، هناك حاجة ماسة إلى إيجاد حلول مبتكرة تعتمد على مشاركة فاعلة من الشركات المحلية والمجتمع بأسره. ترتكز الأولوية الآن على استحداث تجارب سياحية فريدة ومستدامة تتجاوز الحدود المعهودة، ومن خلال الاستفادة من المواقع الفريدة للشركات الصغيرة الناشئة، هناك فرصة كبيرة لإعادة توزيع الحركة السياحية على مدار العام وإلى وجهات أقل شهرة، وإثراء التجربة السياحية، إضافة إلى التخفيف من التدهور البيئي والثقافي. إن تشجيع السفر خلال المواسم الهادئة، وتبني ممارسات صديقة للبيئة، وتعزيز النسيج الثقاقي الغني وتمكين الحرف المحلية، قد يؤدي إلى تأسيس نموذج سياحي أكثر توازناً. هذا النهج لا يهدف فقط إلى الحفاظ على تراث الأردن الثري وجماله الطبيعي الذي لا يقدّر بثمن، بل يضمن أيضًا توزيعًا عادلًا للعوائد الاقتصادية ضمن القطاع السياحي. ومن خلال دعم النظام البيئي التعاوني الذي يمنح قيمة لمبدأ الاستدامة والمشاركة المجتمعية، نحن قادرون على تشكيل مستقبل تساهم فيه السياحة بشكل إيجابي في الحفاظ على المجتمعات المحلية وازدهارها.

 
 

مركز الأفكار

قدمنا مجموعة من الحلول الفعّالة لكل من القطاعات الأربعة المختارة كمصدر إلهام، ولكن يتم تشجيع الأصالة والحلول الفريدة بشدة.

يمكنك استخدام هذه الأفكار كنقطة بداية، لكننا نحثك على التفكير خارج نطاق تفكيرك. استعدادًا للهَكَثون، لنطلق معًا بأفكار استثنائية وسباقة وقادرة على إحداث تحوّل نوعي في القطاع الصناعي الأردني. اكتشف الآن